يكشف الدكتور بينوي كامبمارك أن ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي مع وسائل الإعلام الأجنبية كان علامة على يأسه بعد فشل رسالته في إيجاد صدى، وانهيار استراتيجيته في غزة تاركة حصيلة مروعة تجاوزت 60 ألف قتيل ومعاناة إنسانية كارثية. نتنياهو، الذي شكا مما سماه "حملة عالمية من الأكاذيب" ضد حربه، منح خصومه في الواقع حججًا أقوى لتفنيد روايته.

يشير ميدل إيست مونيتور إلى أن المؤتمر الذي وصفه نتنياهو بفرصة لـ"تفنيد الأكاذيب وقول الحقيقة" ركز على عدة نقاط: استمرار وجود آلاف المقاتلين من حماس في غزة، وإصرار الحركة على تكرار هجوم 7 أكتوبر 2023، وسعيها لتدمير إسرائيل، وادعاء أنها تصادر الغذاء وتطلق النار على الفارين نحو "المناطق الآمنة". قدّم نفسه كأب معاقِب يزعم أنه يعرف ما يريده الغزيون، متجاهلًا مسؤوليته عن قتل عشرات الآلاف وتجويع البقية.

بنى نتنياهو على هذه المزاعم تصورًا خياليًا يقول فيه، إن قواته التي تجوع وتقتل المدنيين لا تريد احتلال القطاع بل "تحريره من إرهابيي حماس"، وإن الحرب يمكن أن تنتهي فورًا إذا سلّمت الحركة أسلحتها وأفرجت عن الرهائن. أنكر سياسة التجويع وألقى باللوم على حماس في النهب المتعمد لشاحنات الإغاثة، كما هاجم الأمم المتحدة متهمًا إياها برفض توزيع المساعدات التي سمح بإدخالها عبر معبر كرم أبو سالم، وهو تصريح يتناقض مع عدائه المعروف للمنظمة.

عرض نتنياهو رؤيته الخماسية لما بعد هزيمة حماس: نزع سلاح الحركة، تحرير جميع الرهائن، نزع السلاح من غزة، منح إسرائيل "سيطرة أمنية شاملة"، وإنشاء إدارة غير إسرائيلية لا تربي الأطفال على "الإرهاب" ولا تموّل أو تنفذ هجمات ضد إسرائيل. استبعد السلطة الفلسطينية من هذه الخطة، في رفض لأي قيادة فلسطينية غير خاضعة لإسرائيل.

مهد نتنياهو الطريق لجولة قتال جديدة عبر استهداف ما سماه آخر معاقل حماس في مدينة غزة والمخيمات الوسطى، وادعى أن السماح للمدنيين بمغادرة مناطق القتال إلى "مناطق آمنة" يمثل الحل الأسرع لإنهاء الحرب، بينما يوصف ذلك بأنه استمرار لسياسة التطهير العرقي.

تجاهل نتنياهو حقيقة أن الظروف التي يخشى أن تترتب على هزيمة حماس قد توافرت بالفعل، وأن افتراض قبول الفلسطينيين بسيطرة إسرائيل المطلقة أمر بعيد عن الواقع.

بعد انتهاء المؤتمر مع الصحفيين الأجانب، أبلغ نتنياهو الإعلاميين الإسرائيليين أنه لم يوقف المساعدات الإنسانية إلى غزة مطلقًا، لكن حتى صحيفة تايمز أوف إسرائيل الموالية للحكومة وصفت ذلك بأنه مبالغ فيه، مذكّرة بإعلان مكتبه في 2 مارس بوقف دخول أي بضائع أو إمدادات إلى القطاع.

رفض نتنياهو أيضًا الإقرار بأن سكان غزة يعانون المجاعة، مؤكدًا وجود نقص في الإمدادات فقط، وقال: "لو أردنا التجويع سياسةً، لما عاش اليوم مليونا غزي بعد 20 شهرًا". وأضاف عن الإبادة الجماعية: "لو أردنا ارتكاب إبادة، لاستغرقت بعد ظهر واحد فقط"، متجاهلًا أن مرتكبي الإبادات الجماعية نادرًا ما يعلنون نياتهم صراحة.

يخلص المقال إلى أن جدار الأكاذيب الذي يبنيه نتنياهو يصطدم بوقائع تؤكد فشل سياساته، وأن استمرار إنكاره للكارثة الإنسانية يعكس تصميمه على المضي في حربه، مهما كانت كلفتها على الفلسطينيين.

https://www.middleeastmonitor.com/20250813-a-shield-of-lies-netanyahus-battle-against-the-world/